الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المناهي اللفظية **
فأجاب بقوله: إن أراد بتصحيح الألفاظ إجراءها على اللغة العربية فهذا صحيح فإنه لا يهم - من جهة سلامة العقيدة - أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة العربية ما دام المعنى مفهومًا وسليمًا. أما إذا أراد بتصحيح الألفاظ ترك الألفاظ التي تدل على الكفر والشرك فكلامه غير صحيح بل تصحيحها مهم، ولا يمكن أن نقول للإنسان أطلق لسانك في قول كل شيء ما دامت النية صحيحة بل نقول الكلمات مقيدة بما جاءت به الشريعة الإسلامية.
فأجاب بقوله: لا يتسمى بأسماء أبرار، وملاك، وإيمان، وجبريل أما جنى فلا أدري معناها.
فأجاب قائلًا: لا الذي يقول أجعل بينك وبين الله صلة أي بالتعبد له واجعل بينك وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، صلة أي باتباعه فهذا حق. أما إذا أراد بقوله أجعل بينك وبين الرسول صلى الله عليه وسلم صلة أي اجعله هو ملجأك عند الشدائد ومستغاثك عند الكربات فإن هذا محرم بل هو شرك أكبر مخرج عن الملة.
فأجاب فضيلته قائلا: هذا القول وإن كان صاحبه فيما يظهر يريد معنى صحيحًا، يعني: أجتمع أنا وإياكم في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا التعبير خلاف ما جاءت به السنة، فإن الحديث
فأجاب بقوله: هذا ليس فيه شيء بل هو الجائز قال الله تعالى: وقول القائل لأبيه أو أمه أو صديقه (العزيز) يعني أنك أبدا الصفة التي تكون لله وهي العزة التي لا يقهره بها أحد، وإنما يريد أنك عزيز على وغال عندي وما أشبه ذلك.
فأجاب بقوله: قول (أدام الله أيامك) من الاعتداء في الدعاء لأن دوام الأيام محال مناف لقوله تعالى: فأجاب بقوله: لا بأس بها إذا كانت المقولة فيه أهلا لذلك، ولم يخشى منه الترفع والإعجاب بالنفس، وكذلك أرجو وأمل.
فأجاب بقوله: لا بأس أن تقول لفلان (أرجوك) في شيء يستطيع أن يحقق رجائك به. وكذلك (تحياتي لك). و(لك منى التحية). وما أشبه ذلك لقوله تعالى:
فأجاب قائلًا: وجه الله أعظم من أن يسأل به الإنسان شيئًا من الدنيا ويجعل سؤاله بوجه الله - عز وجل - كالوسيلة التي يتوصل بها إلى حصول مقصوده من هذا الرجل الذي توسل إليه بذلك، فلا يقدمن أحد على مثل هذا السؤال، أي لا يقل وجه الله عليك أو أسألك بوجه الله أو ما أشبه ذلك.
فأجاب بقوله: أما قول القائل (أمنت بالله، وتوكلت على الله، واعتصمت بالله) فهذا ليس فيه بأس وهذه حال كل مؤمن أن يكون متوكلا على الله، مؤمنا به، معتصما به. وأما قوله (واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم) فإنها كلمة منكرة والاستجارة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا تجوز أما الاستجارة به في حياته في أمر بقدر عليه فهي جائزة قال الله - تعالى -: فالاستجارة بالرسول صلى الله عليه وسلم، بعد موته شرك أكبر وعلى من سمع أحدا يقول مثل هذا الكلام أن ينصحه، لأنه قد يكون سمعه من بعض الناس وهو لا يدري ما معناها وأنت (يا أخي) إذا أخبرته وبينت له أن هذا شرك فلعل الله أن ينفعه على يدك. والله الموفق.
فأجاب قائلا: لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء، لأن طول البقاء قد يكون خيرًا وقد يكون شرًا، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله، وعلى هذا فلو قال أطال بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك. فأجاب بقوله: لا شك أن هذه العبارة لا تنبغي، وإن كان قائلها قد أراد التجوز فإن التجوز إنما يسوغ إذ لم يوهم معنى فاسدا لا يليق به. والمعني الذي لا يليق هنا هو أن يجعل الشيطان قبيلًا لله - تعالى - وندا له، وقرنًا يواجهه، كما يواجه المرء قرنه، وهذا حرام، ولا يجوز. ولو أراد الناطق به تنقص الله - تعالى - وتنزيله إلى هذا الحد لكان كافرًا، ولكنه حيث لم يرد ذلك نقول له: هذا التعبير حرام، ثم إن تعبيره به ظانًا أنه جائز بالتأويل الذي قصده فإنه لا يأثم بذلك لجهله، ولكن عليه ألا يعود لمثل ذلك. وأما قول بعض العلماء الذي نقلت: (إن هذه العبارة كفر صريح)، فليس بجيد على إطلاقه، وقد علمت التفصيل فيه. وأما تعليل القائل لحكمه بكفر هذا الخطيب أن ظاهر عبارته إثبات الحركة لله - عز وجل- فهذا التعليل يقتضي امتناع الحركة لله، وإن إثباتها كفر، وفيه نظر ظاهر، فقد أثبت الله - تعالى - لنفسه في كتابه أنه يفعل، وأنه يجئ يوم القيامة، وأنه استوى على العرش، أي علا عليه علوا يليق بجلاله، وأثبت نبيه صلى الله عليه وسلم، أنه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليله فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ واتفق أهل السنة على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه، ولا محرفين للكلم عن مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله. وهذه النصوص في إثبات الفعل، والمجيء، والاستواء، والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها، وإن كنا لا نعقل كيفية هذه الحركة، ولهذا أجاب الإمام مالك من سأله عن قوله تعالى: وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كثير من رسائله في الصفات على مسألة الحركة، وبين أقوال الناس فيها، وما هو الحق من ذلك، وأن من الناس من جزم بإثباتها، ومنهم من توقف، ومنهم جزم بنفيها. والصواب في ذلك: إنما دل عليه الكتاب والسنة من أفعال الله - تعالى - ولوازمه فهو حق ثابت يجب الإيمان به، وليس فيه نقص ولا مشابهة للحق، عليك بهذا الأصل فإنه يفيدك، وأعرض عنه ما كان عليه أهل الكلام ومن الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص الكتاب والسنة إليها ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه، سواء النية صالحة أو سيئة. فأجاب قائلا: السلام الوارد هو أن يقول الإنسان: (السلام عليك)، أو (سلام عليك)، ثم يقول بعد ذلك ما شاء الله من أنواع التحيات، وأما (مساك الله بالخير). و (صبحك الله بالخير)، أو (الله بالخير). وما أشبه ذلك فهذه تقال بعد السلام المشروع بهذا فهو خطأ. أما البدء بالسلام بلفظ (عليك السلام) فهو خلاف المشروع، لأن هذا اللفظ للرد لا للبداءة. فأجاب: القول بأن الله غير مادي قول منكر، لأن الحوض في مثل هذا بدعة منكرة، فالله - تعالى - ليس كمثله شيء، فهو الأول الخالق لكل شيء وهذا شبيه بسؤل المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم، هل من ذهب أو من فضة أو من كذا وكذا؟ وكل هذا حرام لا يجوز السؤال عنه وجوابه في كتاب الله: فأجاب بقوله: لا يجوز أن يقول الإنسان مثل هذا التعبير بالنسبة لله - عز وجل- ولكن له أن يقول: إن الله - سبحان وتعالى - حكم لا يظلم أحد، فإنه ينتقم من الظالم، وما أشبه هذه الكلمات التي جاءت بها النصوص الشرعية، أما الكلمة التي أشار إليها السائل فلا أرى إنها جائزة. فأجاب قائلا: موقعها ليس بصحيح لأن هذا يجعل النبي صلى الله عليه وسلم، ندًا لله مساويًا له، ولو أن أحدًا رأي هذه الكتابة وهو لا يدري المسمى بهما لأيقن يقينًا أنهما متساويات متماثلات، يجب إزالة اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبقى النظر في كتابة: (الله) وحدها فإنها كلمة يقولها الصوفية، يجعلونها بدلا عن الذكر، يقولون (الله الله الله)، وعلى هذا فلتقى أيضا، ولا يكتب (الله)، ولا (محمد) على الجدران، ولا على الرقاع ولا في غيره. فأجاب بقوله: قوله (الله ورسوله) جائز. فذلك لأن علم الرسول من علم الله، فالله - تعالى - هو الذي يعلمه ما لا يدركه البشر ولهذا أتى بالواو وكذلك في المسائل الشرعية يقال: (الله ورسوله أعلم) لأنه، صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشريعة الله، وعلمه بها من علم الله الذي علمه كما قال الله - تعالى -: ففي الأمور الشرعية يقال (الله ورسوله أعلم) وفي الأمور الكونية لا يقال ذلك. ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب الآن على بعض الأعمال فأجاب فضيلته بقوله: هذه العبارة صحيحة، والله سبحانه و تعالى - قد يهين العبد ويذله، وقد قال الله - تعالى- في عذاب الكفار: إنهم يجزون عذاب الهون بما كانوا يستكبرون في الأرض، فأذاقهم الله الهوان والذي بكبريائهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق. وقال: فأجاب بقوله: هذه العبارة: (الله يسأل عن حالك)، لا تجوز لأنها أن الله - تعالى - يجهل الأمر فيحتاج إلى أن يسأل، وهذا من المعلوم أنه أمر عظيم، والقائل لا يريد هذا في الواقع لا يريد أن الله يخفى عليه شيء، ويحتاج إلى سؤال،لكن هذه العبارات قيد تفيد هذا المعنى، أو توهم هذا المعنى، فالواجب العدول عنها، واستبدالها بأن تقول: (أسأل الله أن يتفي بك)، و(أن يلطف بك)، وما أشبهها. فأجاب بقوله: الإقسام على الله أن يقول الإنسان والله لا يكون كذا، كذا، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا والإقسام على الله نوعان: أحدهما: أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله - عز وجل- وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: النوع الثاني: من الإقسام على الله: ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس وأنه يستحق على الله كذا وكذا، فهذا والعياذ بالله محرم، وقد يكون محبطًا للعمل، ودليل ذلك أن رجلًا كان عابدًا وكان يمر بشخص عاص لله، وكلما مر به نهاه فلم ينته، فقال ذات يوم والله لا يغفر الله لفلان - نسأل الله العافية - فهذا تحجر رحمه الله ؛ لأنه مغرور بنفسه فقال الله - عز وجل - فقال: فأجاب قائلًا: التسمي بالإمام أهون بكثير من التسمي بشيخ الإسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم، سمي إمام المسجد إمامًا ولو لم يكن معه إلا واحد، لكن ينبغي أن لا يتسامح في إطلاق كلمة (إمام) إلا على من كان قدوة وله اتباع كالإمام أحمد وغيره ممن له أثر في الإسلام، ووصف الإنسان بما لا يستخدمه هضم للأمه، لان الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام ممن يبلغ منزلة الإمامة هان الإمام الحق في عينه. فأجاب فضيلته بقوله: هذا حرام، ولا يحل لأحد أن يسمي زوجته أم المؤمنين، لأم مقتضاه أن يكون هو نبي لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هنّ زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وهل هو يريد أن يتبوأ مكان النبوة وأن يدعو نفسه بعد النبي؟ بل الواجب على الإنسان أن يتجنب مثل هذه الكلمات، وأن يستغفر الله - تعالى - مما جرى منه. فأجاب: قول القائل: (يا عبدي)، (يا أمتي)، ونحوه له صورتان: الصورة الأولى: إن يقع بصيغة النداء مثل: يا عبدي، يا أمتي ؛ فهذا لا يجوز للنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم،: الصورة الثانية: أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين: القسم الأول: إن قاله بغيبة العبد، أو الأمة فلا بأس فيه. القسم الثاني: إن قاله في حضرة العبد أو الأمة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منه وإلا فلا، لأن القائل بذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل، وإنما يقصد أنه مملوك له وإلى هذا التفصيل الذي ذكرناه أشار في (تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب يقول عبدي وأمتي. وذكره صاحب فتح الباري عن مالك. فأجاب بقوله: إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق العبودية لله - عز وجل - فقد أساء في فهم العبودية، ولم يعرف معنى الحرية، لأن العبودية لغير الله هي الرق، أما عبودية المرء لربه - عز وجل - فهي الحرية، فإنه إن لم يذل لله ذل لغير الله، فيكون هنا خادعًا نفسه إذا قال: إنه حر يعني إنه متجرد من طاعة الله، ولن يقوم بها. فأجاب بقوله: هذا خطأ، نقول: لست حرًا في معصية الله، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوي. فأجاب بقوله: هذا لا ينبغي لوجوه: الأول: أن الله - تعالى - إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله - تعالى-: الثاني: أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعه فقد قال الله عنهم: الثالث: أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله - تعالى - فقط، لا سيما وأن ذلك التقييد يؤتي به في الغالب سابقًا حيث يقال: (على ما يشاء قدير) وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة، وإذا خصت قدره الله - تعالى - بما يشاؤه كان ذلك نقصًا في مدلولها وقصرًا لها عن عمومها فتكون قدرة الله - تعالى ناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه، وهو خلاف الواقع فإن قدره الله - تعالى- عامة فيما يشاؤه وما لم يشاءه، لكن ما شاءه فلابد من وقوعه، وما لم يشأه فلا يمكن وقوعه. 1. فإذا تبين أن وصف الله - تعالى - بالقدرة لا يقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله - تعالى - بالقدرة لا يقيد بالمشيئة يعارضه قول الله - تعالى -:
على هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستعبد قالوا قادر على ما يشاء، يجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على إنها صفة لله - تعالى - فلا يقيد بالمشيئة، وبين ذكرها لتقدير أمر واقع ولا مانع من تقيدها بالمشيئة، لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقدير وقوعه، والله - سبحانه - أعلم.
|